الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

في جغرافيا ... اليد

قليلا من الصمت...
يا جاهلة.
فأجمل من كل هذا الحديث
حديث يديك
فوق الطاولة... (نزار قباني)
............................................
أتسلل إليها دوماً .. واتلذذ بالتلصص عليها...ألتقطها بكل سهولة وأعلم انها هناك تنتظرني لأشاهد التاريخ غير المقروء للبشر!!!
عندها تختفي التفاصيل الاخرى.. لا التفت للأحاديث ولا لزوايا العيون ولا لإيماءات الفم .. بقدر ما تستحوذ علي تماماً .. الأيدي
أرتبط بها... اميل مع زواياها .. وتناسق الاصابع مع الكف مع الاظافر... وأقرأ
هناك ايدي جميلة آثرة.. ناعمة الحركة.. لطيفة الإيماءات.. حساسة ...تعرف حدودها ..هناك ايدي تقتحم الفضاء تملأ الدنيا والفراغ..وقحة .. ضخمة..وهناك ايدي تتسلل كحرباء .. حرشفية الانطباع .. هناك ايدي مزهرة .. هناك ايدي ميتة.. هناك ايدي مطحونة ...هناك ايدي طيبة طيبة..
أذكر الان يد ما .. قابلت صاحبها منذ سنوات..كانت يد كبيرة كبيرة ومعرقة وضاربة في السمار ..يد فلاح كانت تضم بكل يقظة وحب ولطف طفل صغير من الواضح انه الحفيد .. كانت يد تسهر على الطفل وتعدل في كل لحظة من وضعيته وتربت عليه وتمسح على شعره... وبهرتني هذه اليد التي رأيتها لمدة عشر دقائق .. بهرتني طيبتها وثقلها ويقظتها !
والأيادي كثيرة
..........................
يد امي : ليست يد دقيقة ولا عريضة ولا مهملة ..هي يد مضبوطة على كونها يد أم .. اظافرها مربعة كبيرة.. أرى فيهم الأفق العريض.لا توجد بهم علامات معينة.. مقصوصة دائما بعناية ..يد قوية ..صلبة.. ربما تحركها خطأ او تشكو من هشاشتها ولكنها يد صلبة.. خلقت لتصنع الخبز وتحمم الأطفال .. لتخيط جلاليب البنات ولتختبيء داخل بعضها في الشتاء.. لتطرق على الباب وتطعم الطيور.. أما عن رائحتهما .. فلم اشم مطلقاً رائحة أجمل منهما..بهما شيء هو خليط من النظافة والدفء والإحتضان.. اشمهما وهي تساعدني على ارتداء ملابسي بسرعة وفاعلية وانا صغيرة .. امي لا تتحدث كثيراً.. وعندما اريد ان اراها انظر ليدها وابتسم
........................
يد أبي: يد حساسة حتى المرض..مراوغة...مغتربة ... تهرب على الدوام...يد جميلة في قوة ... يد جديرة بفنان خرجت للتو من احدى لوحات محمود سعيد ...رهيفة ..متوترة.. بارعة في الاختباء وحماية نفسها تتوق للصحبة وتموت في الوحدة .. لا تتحدث كثيراً
أبي الذي لم أعرفه كما ينبغي للمرء ان يعرف اباه .. أعلم ان يده كانت تحب الوحدة وتزدهر بها.. هناك ايدي هكذا .. قلقة من النبل ما يجعلها فوق البشر!
.........................
يد رفيق الدرب: يد لذيذة.. لكن صلبة... معتنى بها جيداً ... طيبة جداً ...نظيفة على الدوام حتى وان اتربت.. كتومة.. دافئة وغامضة.. صديقة الورق الناصع ورائحة الحبر ومفاتيح الكي بورد .. مرسومة بعناية شديدة ومدهشة .. تحفة فنية !
.......................
ايدي نور وزياد: ايدي من نور ..بضة ... دافئة ... تحتضن... تحتوي ... تطبطب ... تقبل .. تضحك .. تندفس .. تغامر .. وتطيش ... تلمس الشمس وتلهو بالقمر وتستقر على قلبي فاهدا واطمئن...
.........................
يد سحر ( اخر اكتشاف) هذه ليست يد ... بل قطعة فنية ... ثمينة القيمة ... ايماءاتها تبعث على الطيبة والراحة.. اصابعها متراصة كانها لوحة ميلاد فينوس تتوالى ... تقطر سحرا ..احتفالية الأثر.. بارعة في الطبطبة وسقاية الماء .. ذات شموخ .. عريقة الجذور .. تبحث عن الونس .. تضحك .. تكركر ... ثم تتكوم فوق الطاولة في دعة!
.......................
يدي!! : أخلص خادم لي... من الرائع ان يكون للمرء يد في صفه!
.........................
(...)
كل الأيدي
تسترجع تاريخ الأرض
ترتعش من هذا التاريخ
ومن بين هذه الأيدي ..يدك
تطفو من التاريخ
وتتذكرني.
*
ترجمة عن Guillevic
............................

هناك 3 تعليقات:

احمد أبو العلا يقول...

الله الله ...
هكذا تكون الكتابة انسانية ومحلقة
تحياتى لكل تلك الأيادى التى ساهمت واثرت واولهم الأيدى التى كتبت
فى انتظار الجديد

Zianour يقول...

شكرا لك يا باشمهندس
واهلا بك دوما

sab7al5air يقول...

سلام اسلوب جميل وومتع انا برضو لي حكايه مع الايدي و الانامل
سلمت يداك علي ما خططتي
ياريت تشرفني وتشوفي ما اشتكت معك ف يالولع به
في مدونتني تحت عنوان
اصابع ... اقدار ووجوه
سلامات علا