الاثنين، 7 يونيو 2010

صباح الخير أينما اصبحتِ

الصغيرة البنجلاديشية التي لها شعر الحوريات قذفتني فجأة إلى نقطة ما مضيئة  ... إلى تلك اللمعة البنية لشعرك تحت شمس الصباح.
رغم أن شعرها أسود وطويل يماثل ليلاً بلا نجوم ولا يلمع مثل شعرك الملكي  ... ربما سطوة الجمال وطغيان الحضور

أنتي الفتاة ذات الوجه المستدير جداً والذقن الدقيق جداً الذي يلمع بياضه النقي في ذكرياتي البعيدة والذي كانت تشوبه أحياناً حمرة لعب أو بكاء نبيل...

كنا على أعتاب تنازعنا بين الطفولة والمراهقة المربكة .. كنت زهرة البنات ... تجرين في المدرسة بذيل شعرك البني الآثم وبياضك المنير.. كنا نتمنى جميعاً مصادقتك .. أنت صاحبة لهجة المدن وحكايات الروايات وأيدي العرائس ... تهزين قدميك بلهو في بحيرة انبهارنا ثم تحكين لنا عن أخيك الطبيب النفسي الذي يرافقك ويستمع لحكاياتك ويحل لك ولنا المشاكل ونحن بعد في تيه الوجود .

لا بد أنك كنت أنقى حضور في حينها ... أذكرأيضاً اغماءاتك التي كان ينفرط فيها شعرك ويلمع ونحن نجاهد في إيقاظك ولملمة مفرداتك ...

بالمدرسة الثانوية عرفت الطريق الطويل المترب لسلم بيتك... تسكنين في أخر دور ... وعرفت حجرتك وأمك العجوز  ذات الأصل النبيل وصور أبيك الذي بالكاد عرفتيه  ثم اختفى مبكراً بنظارته وبذلته الستينية
رغم اختفاء شعرك وراء حجاب أبيض تحول لنقاب أبيض - هل كنتِ أول فتاة ترتدي النقاب في مصر؟- ... ورغم اختفاء أخيك الطبيب النفسي الذي لم يوجد أبداً لأنه لا يوجد سوى أخ أكبر عائد من معركة ما أغلق كل الأبواب كأخرين.... إلاانك ظللتِ الفتاة المنيرة ذات الأصل النبيل

لماذا أتذكرك اليوم؟ اليوم الحاضر البعيد جداً عن كل الفتيات الصغيرات اللاتي يدلفن إلى الحياة بوجل وتربص والكثير من التنهدات والروايات الرومانسية ؟؟
ربما لأني تذكرت أيضاً أوراقك وقصصك الصغيرة التي يقع فيها الشعر المغوي من تحت الحجاب ..... كانت صورة عجيبة يومها ... ولكنها ككل قصص البنات تبحث الفتاة عن الأمير المسحور القوي الحنون المخّلص ... كان خطك سيئا للغاية ...مضطرباً وطريقة كلامك كأنها قذائف تختصر الإنفعالات ... تسيرين كأنك تجدفين في الشارع بسرعة وهمة ... لوأتيتِ لزيارتي لا تمكثين إلا قليلا جداً
بينما أظل عندك بالساعات ..
ماذا كنتِ تفعلين بكل الوقت الذي توفرينه  من الكلام والسير و الضحك ... هل أتذكر لكِ ضحكة؟؟؟ كانت كأنها زفرة سريعة ماأن تبدأ حتى تنتهي... هل كنتِ تدركين انك فعلا إنسانة نبيلة ولك روح مستقيمة نادرة بلا مبالغة ؟؟ ولم تستسلمي مطلقاً للقسوة في الحكم على الأخرين ؟؟ وأنني كنت فعلاً مأخوذة  بنور ما  ينبعث من حضورك؟؟
هل كنت تدركين أنكِ فعلاً تستحقين الأمير ؟؟
لا أعرف كيف تزوجتي هذا الغريب ... وأنجبتي طفلين -أتمنى أن أراهما يوماً- لا أعرف أين قصصك البعيدة ولاكيف أصبح ذيل حصانك ...
أتساءل الآن على بعد ألاف النفاصيل والأيام التي قرفتنا عماأصبحتِ عليه ... فلا أعرف لك عنواناً ولا هاتفاً...

صباحك منير أينما أصبحتِ ... يا صديقتي!